#1
|
||||||||
|
||||||||
![]() مهما قدّموا من نصائح وتوصيات لتحسين العلاقة بين الزوجين، فلن يجدوا أنفع ولا أجمع ولا أرفع ولا أبلغ من قول رسول الله ﷺ: "لا يَفْرَكْ مؤمنٌ مؤمنة إنْ كَرِه منها خُلُقًا رَضِيَ منها خُلُقًا آخر" (لا يَفرَكْ): أي، لا يبغض. اجعل الإيجابيات غطاءً للسلبيّات، وسوف تقِلُّ الخلافات. ﴿فَجَعَلَهُمْ جُذَاذًا إِلَّا (كَبِيرًا لَّهُمْ) لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ﴾ ما أجمل التعبير القرآني، لم يقل (كبيرًا) ولا (كبيرًا منهم)، بل ﴿كَبِيرًا لَّهُمْ﴾؛ لأن ﴿كَبِيرًا لَّهُمْ﴾ يُفيد أنه كبير عندهم فقط، لا أنه كبير في الواقع؛ فكل شيء عُبِد من دون الله صغير. لا يُشغلنّك مستقبلُ رزقك؛ فإنّ رزقك الذي في السماء لن يأكله أحدٌ غيرك، وإنّ الذي رزقك من غير أن تسأله لن يتركك وأنت تسأله، وقد تكفّل لك من الرزق على قدر حاجتك﴿وما ننزّله إلا بِقَدَرٍ معلوم﴾، واعلم أنك لن تموت قبل أن تستكمل رزقك، فاسعَ لطلبه وأنت مطمئن، واعبد ربك بهذا الاطمئنان. ﴿ومَن يَتَّقِ اللهَ يَجعَل لَهُ مَخرَجًا﴾
ذكر الله هذا الشرط وجوابه في ثنايا أحكام الطلاق. فمن طلّق واتقى الله في طلاقه جعل الله له مخرجًا. لكن هل اتقى الله من يطلّق لسبب تافه فيُضخّمه ليكون عذرًا له في طلاقه، أو من طلّق لمشكلة لها حل فاستعجل الطلاق قبل البحث عن الحل؟ لا والله. مِن أعظم الأشياء التي تُشعرك بالرضا، والطمأنينة، والانشراح في بداية يومك=استحضارُ نِعَمِ الله عليك ومحاولة عدّ بعضها. لا أقول نِعَمُ الله عليك في شهادة أو وظيفة أو جاه، بل نِعمُ الله التي تشترك فيها مع الفقير والغني، والقوي والضعيف، تلك نِعَمٌ واللهِ وإنْ عددتها لا تُحصيها. (وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا) لا تتباهوا بأموالكم وأولادكم ﴿أَنا أَكثَرُ مِنكَ مالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا﴾ [الكهف: ٣٤] لئلا تكون النتيجة ﴿وَأُحيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيهِ عَلى ما أَنفَقَ فيها وَهِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُروشِها﴾ [الكهف: ٤٢] ﴿ لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ ولا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ ﴾. إنّه كلامُ الله رب العالمين، أنزله الله محجةً للسالكين، ورحمةً للعالمين، ومعجزةً باقية لسيد الأولين والآخرين.. قال ﷺ :"إن الله يرفع بهذا الكتاب أقوامًا، ويضع به آخرين "رواه مسلم. لو تأمّلت في أكثر خصوماتك في الحياة لوجدتَ أنّ مكاسبك فيها لا تستحق ذلك العناء وصداع الرأس وضيق الصدر. وكان بإمكانك أن تتجاوز ذلك بثلاث وصايا: كَبِّرْ عقلك﴿وأَعرِض عن الجاهِلين﴾ ووسِّع صدرك﴿ولا تَكُ في ضَيقٍ مِمّا يَمكُرون﴾ واحتسِب أجرَك﴿فمَن عَفا وأصلَحَ فأَجرُهُ على الله﴾ القلب السالم من الشرك، والبدع، والغلّ، والحسد، وضوضاء الخصومات=قلبٌ أراد الله بصاحبه خيرًا، ليعتبر صاحبُه بما يراه ويسمعه، ويتبصّر بما ينفعه ويرفعه. وقد كان من دعاء رسول اللهﷺ: "وأسألك قلبًا سليمًا" ﴿يَومَ لا يَنفَعُ مالٌ وَلا بَنونَإِلّا مَن أَتَى اللَّهَ بِقَلبٍ سَليمٍ﴾ ﴿ثُمَّ لَتُسأَلُنَّ يَومَئِذٍ عَنِ النَّعيمِ﴾ قال رسول الله ﷺ: "إن أول ما يُسأَلُ عنه العبد يوم القيامة -من النعيم- أن يقال له: ألم نُصِحَّ لك جسمك، ونُرْوِيَك مِن الماء البارد." رواه الترمذي وصحّحه الألباني. والله إنّ هذه المكيفات لَمِن أعظم النعيم، فاشكروا الله عليها وقد قال ﷺ: "أفضل الصدقة جُهْد المُقِلّ" صححه الألباني. وأنا أقرأ تلك الأوصاف من خديجة وهي تصف أخلاق رسول الله ﷺ قبل النبوة تذكّرت قول الله تعالى: ﴿اللهُ أَعلَمُ حَيثُ يَجعَلُ رِسالَتَه﴾ لا يَضَعُ الله رسالته إلا في أكمل عباده خُلُقًا بين قومه. ﴿وَلَو تَرى إِذ وُقِفوا عَلَى النّارِ فَقالوا يا لَيتَنا نُرَدُّ وَلا نُكَذِّبَ بِآياتِ رَبِّنا وَنَكونَ مِنَ المُؤمِنينَ﴾ هل تعلم ما الأُمنية التي تمنّاها هؤلاء الكفار؟ هي هذه اللحظة التي أنت فيها الآن، الرجوع للدنيا، للتصديق بآيات الله. فاغتنم هذه الأُمنية واسأل الله الثبات. ﴿وَأَنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِينَ﴾ من خان دينه. وخان وطنه. وخان أهله. وخان من أحسن إليه. أبغض الناس للناس الخائن. ومِن قُبح الخيانة أنه لا يجوز أن تخون حتى من خانك. وإنْ غَرِقتَ في بحر سيئاتك، فاعلم أنّه قطرة في بحر عفو الله. فأسرِع إلى التوبة لِيُسرِع لك الله بالعفو؛ فإنّه إنْ عفا عنك فكأنّك لم تعمل سيئةً قطّ. ﴿وَهُوَ الَّذي يَقبَلُ التَّوبَةَ عَن عِبادِهِ وَيَعفو عَنِ السَّيِّئَاتِ﴾ [الشورى: ٢٥] ﴿إِنّي أَخافُ اللَّهَ﴾ [الأنفال: ٤٨] ﴿وَما أَهديكُم إِلّا سَبيلَ الرَّشادِ﴾ [غافر: ٢٩] لا تَغُرَّنّك الشِّعارات. بل اِعرفْ قائليها قبل أنْ تغترّ فيها! فالأُولى قالها الشيطان. والثانية قالها فرعون. مهما كان ماضيك سيّئًا، فإنّ أسوأ منه أن تختار أن يكون مستقبلك سيّئًا أيضًا. اجتهدْ لإصلاح نفسك، واصْدُقْ مع الله، فسيهديك للصلاح ﴿وَالَّذينَ جاهَدوا فينا لَنَهدِيَنَّهُم سُبُلَنا﴾ [العنكبوت: ٦٩] المستقبل الذي تخافه قد لا يأتي. والحاضر الذي أشغلته بالخوف لن يعود. اطمئن، وفوّض أمرك إلى الله، وقل: ﴿لَنْ يُصِيْبَنا إلَّا مَا كَتَبَ اللهُ لَنا﴾ رسالة للآباء: إذا كنت تهتمّ لمستقبل أولادك من بعدك فعليك بإصلاح نفسك، ولن يُضيّعهم الله. تدبّر قوله تعالى: ﴿وَكانَ أَبوهُما صالِحًا﴾ قال ابن عباس: حُفِظا بصلاح أبيهما، ولم يُذْكَر لهما صلاح. كم مِن الأموات ممن لا تزال تُكتَب لهم الأجور والحسنات، أضعاف أضعاف ما يُكتب لبعض الأحياء العاملين بالصالحات. رحلوا، وتركوا آثارًا حسنة. ﴿إِنّا نَحنُ نُحيِي المَوتى وَنَكتُبُ ما قَدَّموا وَآثارَهُم وَكُلَّ شَيءٍ أَحصَيناهُ في إِمامٍ مُبينٍ﴾ [يس: ١٢] كلّ عمل لم يكن الإخلاصُ رُكنَه الأساس، فمآلُه إلى الإضمحلال والإفلاس. قال الله تعالى: ﴿كُلُّ شَيءٍ هالِكٌ إِلّا وَجهَهُ﴾ أي كل شيء هالكٌ إلا ما أريد به وجهه. يقول أحدهم: قال الله﴿وَرَحمَتي وَسِعَت كُلَّ شَيء﴾ وأنا شيء والعالم كله شيء! أكمل الآية. واسمع ما قال قتادة: لما نزلت:﴿وَرَحمَتي وَسِعَت كُلَّ شَيءٍ﴾ قال إبليس: أنا من ذلك الشيء، فأنزل الله:﴿فسَأَكتُبُها للذين يَتَّقون وَيُؤتون الزَّكاةَ وَالَّذينَ هُم بِآياتِنا يُؤمِنون﴾ ﴿وَإِذا لَقوكُم قالوا آمَنّا وَإِذا خَلَوا عَضّوا عَلَيكُمُ الأَنامِلَ مِنَ الغَيظِ﴾ -﴿وَيَومَ يَعَضُّ الظّالِمُ عَلى يَدَيهِ يَقولُ يا لَيتَنِي اتَّخَذتُ مَعَ الرَّسولِ سَبيلًا﴾ في الدنيا عضّوا على الأنامل. وفي الآخرة عَظُمَتْ حسرتُهم فعضّوا على الأيدي. كل سعادة يُنغّصها ذِكر الموت فهي سعادة زائفة! السعادة الحقيقية هي التي إذا تذكّر صاحبها الموت اطمأنّ حينئذٍ وسأل الله الثبات، وهي السعادة بكتاب الله والاطمئنان بدينه الإسلام. ﴿قُل بفضلِ اللهِ وبرحمته فبذلك فلْيفرحوا هو خيرٌ مما يجمعون﴾ قال ابن عباس:فضله الإسلام، ورحمتُه القرآن. حياتُك الدنيا بالنسبة لحياتك في الآخرة كقطرة ماء أمام بحر لا ساحل له، فلا تُشغلنَّك حياتك الصغيرة عن حياتك الكبيرة، ثم تقول: ﴿يا لَيتَني قَدَّمتُ لِحَياتي﴾ ﴿إِنَّ الَّذينَ يَتلونَ كِتابَ اللَّهِ وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَأَنفَقوا مِمّا رَزَقناهُم سِرًّا وَعَلانِيَةً يَرجونَ تِجارَةً لَن تَبورَ﴾ [فاطر: ٢٩] من لم تكن له تجارةٌ مع الله فهو مُفْلِس. مِن علامات الهداية أن ترى في الحلال كفاية. وأمّا الحرام فلا يُكتفى به، ولا يُشْبَعُ منه، وليس فيه راحة، ولا منه سلامة إلا بتوبة عاجلة قبل الانتقال للآخرة. ﴿فَلَا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ﴾ مِن صور تزكية المرء نفسَه أن يُسيءَ الظنّ بالناس، ويشتغل بعيوبهم، ويتعامى عن عيوبه. خطَؤُه عنده في كل الأحوال مغفور، وخطأ غيره في جميع الحالات مذكور.
الموضوع الأصلي: تأملات قرآنية د. بندر الشراري (5) || الكاتب: امانى يسرى محمد || المصدر: منتدى اسلامي مفيد
|
![]() |
#2 |
![]() ![]() ![]() |
![]()
حقاً تستحق التقدير على هذا المجهود الرائع والكبير
موضوع جميل جداً استمتعت به ننتظر منك المزيد من الابداع اتمنى لك السعاده والتوفيق.. |
![]() |
![]() |
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع |
انواع عرض الموضوع | تقييم هذا الموضوع |
|
|
Rss منتدى، اسلامي ، مفيد، موقع ، منتديات Rss 2.0 منتدى، اسلامي ، مفيد، موقع ، منتديات Html منتدى، اسلامي ، مفيد، موقع ، منتديات Xml منتدى، اسلامي ، مفيد، موقع ، منتديات Sitemap منتدى، اسلامي ، مفيد، موقع ، منتديات sitemap منتدى، اسلامي ، مفيد، موقع ، منتديات sitemap 2
|